إنصاف بريس:
أكد المتدخلون في افتتاح الجامعة الصيفية لمنبر الحرية المنعقدة بضاية الرومي ما بين التاسع والرابع عشر من أكتوبر الجاري أن استمرار الأزمات الاقتصادية؛ وعدم إعمال إصلاحات ناجعة في هذا الشأن خلال المراحل الانتقالية؛ يحدث ارتدادات وتراجعات سياسية خطيرة؛ فيما يعتبر إعمال إصلاحات اقتصادية كفيلة بتحسين الأوضاع الاجتماعية للمجتمع عاملا داعما للتحول.
وفي هذا الصدد قال أستاذ القانون الدولي بجامعة القاضي عياض بمراكش بأن تراجع الأداء الاقتصادي في عدد من دول الحراك يعرقل سلاسة الانتقال إلى الديمقراطية بما يفرضه من ضغوط على الحكومات الجديدة. وقدم لكريني النموذج التونسي كمثال جلي، أما في المغرب، يقول المحاضر، فالإصلاحات التي تم القيام بها لم تكن عميقة، بقدر ما تمحورت حول بعض الزيادات واللجوء للديون لتمويل بعض المشاريع.
واعتبر لكريني، مدير مختبر الدراسات الدولية حول إدارة الأزمات، أن تحقيق التنمية وضمان الرفاه من أحد شروط تحقيق الانتقال الديمقراطي، أما عدم ضمان ذلك فقد يؤدي إلى إحداث ارتدادات وارتكاسات إلى الخلف في البلدان العربية بسبب غياب الاصلاحات الاقتصادية ومحاربة منظومة الريع وضمان الشفافية في المجال الاقتصادي وهي عوامل تعرقل مسار التحول الديمقراطي.
وحول مسارات العنف التي رافقت الحراك العربي، عزا الكريني العنف إلى عدم اعتماد آليات العدالة الانتقالية. وهي الآلية التي اعتمدت في تجارب دولية مهمة. وساهمت العدالة الانتقالية في تحييد المؤسسات التي تورطت في العنف في السابق، وخصوصا العسكر. وأضاف، ذات المتحدث، أن تونس تشكل استثناء في هذا المجال مقارنة بكثير من دول الحراك العربي، لكن بقية الدول لم تنجح في تطبيق آليات العدالة الانتقالية.
وتساعد آليات العدالة الانتقالية، حسب لكريني، في طي صفحات الماضي الأليمة، لكن العالم العربي لم يتم انتهاج هذا النهج، ودخلت بالتالي عدد من الدول في مسلسل الانتقام والانتقام المضاد. لقد نجحت تجربة العدالة الانتقالية في جنوب افريقيا مثلا في دعم الانتقال الديمقراطي. ويجب علينا في بلداننا أن نستفيد من هذه التجارب لأنها تجارب إنسانية مهمة.
” وفي مداخلة ثانية تحت عنوان “تأثير الربيع العربي على وضع الطبقة الوسطى في دول مصر والمغرب وتونس” قال ياسين اعليا أن الطبقات الوسطى التي نشأت في العالم العربي، خصوصا مصر وتونس، في السبعينات وبعدها قايضت الأمن الاجتماعي بالاحتفاظ ببعض الدخل.
وفي السياق ذاته اعتبر أعليا أن السياسات الاقتصادية الفاشلة والفساد أرهق الطبقات الوسطى في دول مصر وتونس والمغرب. ومن بين السياسات الاقتصادية الفاشلة: سياسات الدعم الحكومي وتجميد الأجور وتقليص المناصب الحكومية وتعويضها بتعاقدات بطريقة غير منتجة، ثم الاستثمار غير المجدي من حيث خلق المناصب، والاستدانة المفرطة ثم تعرض هذه الأموال للنهب وتراكم المديونية وتكبيل الاقتصاد بالمخططات الاقتصادية الفاشلة في ظرف دولي استثنائي غير مساعد، واجتمعت هذه العوامل مع غياب الحرية الاقتصادية التي انتهكت من خلال التحالف بين طبقة سياسية ومجموعة من اللوبيات المسيطرة على السوق.
يذكر أن مشروع منبر الحرية ينظم هذه النسخة من الجامعة الصيفية بشراكة مع مؤسسة هانس سايدل الألمانية بمشاركة خبراء مغاربة وعرب. وتعرف الدورة مشاركة جنسيات عربية مختلفة. ويساهم في تأطير الدورة، التي تحمل شعار “أي دور للطبقة المتوسطة وريادة الأعمال بعد الحراك العربي؟”، كل من البروفيسور الكويتي شفيق الغبرا، والباحثة التونسية آمال قرامي، وأستاذ العلوم السياسية إدريس لكريني بالإضافة إلى الباحث ياسين أعليا وأستاذة العلوم السياسية إكرام عدنني.