خالد الصلعي
هذا هو حال السياسة في عالم اليوم ، فمن خلال متابعة بيان او خطاب الرئيس الفرنسي الجديد تستفزك علامات الذكاء الوقاد وهدوء المتمكن من أدواته واستراتيجياته . وتحكم له من هنا ومن الآن رغم كل الترتيبات الجانبية أنه سيقود فرنسا للعب ادوار مهمة في المستقبل . لكنك وأنت تتابع تصريح القلية الحكومية بالمغرب بسداسية أحزابها يداهمك احساس بالغثيان والشفقة على رجال أريد لهم ان يقودوا مغرب 2017 ، فاذا هم مجرد أفراد مدفوعين لتجشؤ ما يمليه عليهم ساداتهم .
لا أحد من قادة الكارطون أشار الى انحرافات الحراك الريفي بوقائع مادية ثابتة ، رغم أن اتهاماتهم خطيرة ، كالانفصال ، وهو ما تبرأ منه الجميع على رؤوس الأشهاد ، او التمويل الخارجي ، وهو ما لم تثبته كل أجهزة الاستخبارات المستنفرة في هذا الجانب . ليبقى كلامهم مجرد لغو وهذر وفؤوس تحفر الهواء .
الحراك أيها السادة تجاوزت مدته الفعلية الستة أشهر ، وناهزت مدة شرارته الأولى ما يقارب ثمانية أشهر ، وهذا في حد ذاته يعتبر انتقاصا من وطنيتكم وتحرككم العفوي تجاه مشكل اجتماعي اتخذ طابعا جهويا ومناطقيا . ويمثل ادانة مباشرة لمزاعم قيادتكم المنعدمة . فمثل هذه الأحداث عند القادة الحقيقيين وعند الساسة المحترفين تمثل ملفا سياسيا دسما يستثمرونه لصالحهم ويتدافعون لحله في بداياته الأولى عبر التوسط أو توجيه بيانات ، اما بالدعم واما بالشجب ، ليظهروا حنكتهم وحنة أيديهم ، ولا ينتظرون اوامر عليا للادلاء جماعة بنفس اللوغو والاشارات التي تم املاؤها عليهم .
نتمنى منكم كمواطنين ، وليس كمتعاطفين مع جميع الحركات الاجتماعية العادلة والمشروعة أن تتفضلوا بوضع لا ئحة المطالب في المرحلة الأولى ، والتي زكيتموها جميعكم وأثنيتم عليها ، ولائحة المطالب الثانية في المرحلة التالية والتي وقفتم ضدها ونددتم بها . وهذا طلب بسيط كما ترون . فهلا تفضلتم باطلاع الرأي العام الوطني والدولي بلائحة المطالب في كلا المرحلتين ؟؟.
فبعد تدويل الملف وانتشاره في قنوات اعلامية دولية عديدة وفي صفحات جرائد ذات تأثير كبير على الرأي العام العالمي ، وتداوله في البرلمان الاسباني ، والبرلمان الهولندي . ارتأى أصحاب الحل والعقد في المغرب أن يوسعوا من رسمية الملف ويمنحوه بعدا حكوميا بعدما كان في يد الأمن والاستخبارات . وهو ما يشير بتلقائية الى طبيعة التدبير العام في المغرب ، والى الأجهزة الحقيقية التي تمثل الحكومة الحقيقية . اما جماعة الأقلية التي افتقدت لكل دوافع الخجل والحشمة والرجولة ، فهي خرجت من قاعة الانتظار بعد سبات طويل لتزيد الطين بلة ، عوض ان تأتي او تقترح حلولا وسطى وتقبض العصا من الوسط ، كما يصنع الحكماء في مثل هذه الملفات الخطيرة والساخنة .
وهنا لابد من الاشارة الى توافق هذه الخرجة الاعلامية الفاشلة مع عودة ملك المغرب الى البلاد بعد رحلة استجمامية بجزر كوبا وبميامي ، وفرنسا . وكأن لسان أصحاب الحال يقولون له ان الملف متداول بين الجميع كما ينبغي وكما يجب في حين أن كل المتابعين يدركون انه في يد وزارة الداخلية والاستخبارات تحديدا، ورئيس الحكومة مجرد بيدق يتم تحريكه كيفما شاء أولياء نعمته .
كما تجب الاشارة ان هناك معلومات حسب بعض القنوات الاعلامية بزيارة مرتقبة للملك للمنطقة ، ما قد يجعل الملك يقف شخصيا على حقيقة الموضوع والملف . الأمر الذي دفع العقل المدبر الذي استحوذ على الملف ييعثرته في آخر الأشواط على أكثر من مؤسسة ، واهمها مؤسسة الحكومة او الأغلبية ، وبالتالي على مؤسسات الأحزاب . هذا دون اغفال بعض المناوشات الاستخبارية الهامشية يمكن للمطلع على خلفيات الملف أن يتعامل معها بفطنة وذكاء . والسلام .