حميد المهدوي ـ صدق أو لاتصدق، باشا مدينة أصيلة؛ سلطة الوصاية، “ياحسرة”، لا يخاطب رئيس المجلس البلدي للمدينة محمد بنعيسى، إلا بعبارة “معالي الوزير”، علما أنه بعد الأخير جاء الطيب الفاسي الفهري، فسعد الدين العثماني قبل أن يُخلفه صلاح الدين مزوار على رأس الخارجية.
وبين يدي “إنصاف بريس” نسخة من محضر دورة استثنائية عقدها مجلس أصيلة شهر يناير الأخير، في مقتطف منه (انظر الصورة) يعطي بنعيسى الكلمة للباشا، فيستهل الأخير تدخله هكذا: “شكرا معالي الوزير”، وما هو بوزير، علما أن الباشا هو ممثل الداخلية، أي سلطة الوصاية، التي تراقب تطبيق القانون داخل الدورة، والتي لا يمكن تنفيذ أي مقرر، خلص إليه المجتمعون، إلا بموافقتها، فكيف يضطلع الباشا بمهامه، وهو لازال “مسكونا” بـ”سلطة معالي الوزير”؟
أكثر من هذا بكثير، بل والطريفة التي ما بعدها طريفة ولا غرابة في العالم بأسره، يأخذ عضو بالمجلس الكلمة فيقول، وننقل حرفيا ما جاء في محضر، نفس الدورة: “يسرني كثيرا أن أكون ضمن مجلس يترأسه أحد أهرام الدبلوماسية المغربية، معالي الوزير السيد محمد بنعيسى”، يسترسل العضو في كلامه إلى أن يقول: “أطلب أن ينظر معالي الوزير إلى ملف حي مرج أبي الطيب الأعلى بعين العطف..وأنا سيدي الوزير أطلب منكم الالتفات لهذا الحي؛ لأن وضعه جد كارثي، فهناك أطفال ومسنون وأرامل وشباب عاطل، وأنا لا أطلب أن تملكون يدا سحرية لتغيير الوضع، غير أني أطلبكم أن تتدخلوا بيديكم البيضاء”.
وبحسب مصادر محلية فإن هذا العضو مشهود له بالإستقامة والنزاهة، وأنه ليس من “لحاسين الكابة” لبنعيسى على غرار بعض أعضاء المجلس، ولكن المعني ضاق ذرعا بتظلمات الساكنة التي يمثلها، وألما بمعاناتها، إضافة إلى تكوينه المعرفي المتواضع، داخل مدينة، معظم ساكنتها “يُسبحون” لبنعيسى، “خوفا وطمعا” لا “حبا وتقديرا” بحسب أكثر من مصدر محلي.
فمن هو بنعيسى هذا، الذي يخاطبه الباشا داخل دورة المجلس بمعالي الوزير، ويصف عضو بالمجلس يديه بالبيضاء أو الكريمتين !؟
من هو هذا الرجل الذي وصفه رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب بأنه “دولة داخل دولة”، بعد أن جرد ملفات “فساده” بالعشرات داخل ندوة صحفية نظمت مؤخرا بالرباط، دون أن يفتح تحقيق واحد في تلك الإتهامات، لحدود الساعة؟!
من يكون بنعيسى هذا، وما حدود معجزاته “وكرمه” أو “بطشه” حتى تتحاشى معظم الصحافة الوطنية ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة، المشاركة في الندوات الصحافية، التي تقام ضده، وتتجنب نشر خبر عن تحويله لـ300 مليون سنتيم كل سنة، من مالية الجماعة إلى جمعية يرأسها هو بنفسه، بل وحتى نشر أخبار عن تفويته لموقفي سيارة على “الكرونيش” للفاسي الفهري بصفر درهم، قبل أن يفوت لصهره هكتارات شاسعة من الملعب البلدي بثمن “بئيس” ولازالت الأرض منذ 1990 في اسم صهره حتى الساعة، بل وفوت قرابة 5000 متر من أراضي الجماعة وبينها مقر الأخير بدرهم رمزي لسعودي، علما أن الجماعة لحد الساعة بدون مقر !؟
الصحافة والمواطنون وربما العالم اليوم بات يتساءل من يكون بنعيسى هذا وعلى أساس أي قوة يستند حتى يتراجع وزير العدل مصطفى الرميد حين كان محاميا ينوب عن أحد خصوم بنعيسى في المدينة، عن نيابته، بعد أن تلقى مقدما عن اتعابه من موكله، وهو الملف الذي سنعود إليها قريبا جدا، حالما نتوصل بالشيك الذي وقع عليه الرميد بنفسه.