مباشرة بعد قرار الدولة المغربية منح جهة الصحراء وضعا حقوقيا خاصا تمييزا لها عن باقي جهات المغرب، وبعد تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان دورة تكوينية في حقوق الإنسان لفائدة المسؤولين الأمنيين بجهة الصحراء المغربية دون غيرها، وبعد قرار المجلس الوزاري في اجتماعه الأخير تقديم مشروع يتضمن سحب اختصاص محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية على خلفية ملف مخيم ايكديم ايزيك، وبعد أن أعلن وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة عن تعيين نقاط اتصال دائمة ومخاطبين محددين داخل الوزارات المعنية بالشكايات القادمة من الصحراء، وتحديد مدة زمنية قصيرة للإجابة عنها والعمل بكل جدية وحزم على حل كل المشاكل الواردة فيها مهما علا شأنها، ومهما كانت معقدة ومتداخلة، بدأت أفكر بعد كل هذا وغيره في العمل على تأسيس إطار يدعو إلى “انفصال” المنطقة التي أسكنها، ما دام هذه هي الطريقة المثلى التي ستحقق ما يطمح إليه المغاربة .
إذا كان الإعلان عن “الانفصال” سيجلب كل هاته المصالح فأنا سأعلنها مدوية و”سأحرض” باقي الجهات على التفكير في الإعلان عن الانفصال ليتحقق للمغاربة على الأقل جزء من طموحاتهم في العيش الكريم وفي التعامل الإيجابي للأجهزة الأمنية التي ستبادر الدولة المركزية إلى دفع مجلس حقوق الإنسان لتنظيم دورات تكوينية وتوعوية لقادة وأعضاء الأمن في كيفية التعامل المحترم مع المواطنين وباستقبالهم بالمقرات الأمنية بطريقة تليق بهم، هذا الأمر سيدفع بالتأكيد السلطة إلى توفير الغذاء والمواد الأساسية بأسعار منخفضة وإلى مؤسسات صحية معتبرة تتوفر على كل الأجهزة الطبية سواء داخل المدن أو القرى النائية وتحقيق بنية تحتية حتى للمواطن المتواجد بين الجبال والهضاب..، الإعلان عن الانفصال على ما يبدو سيجبر الدولة على التفكير بشكل جدي في منح حكم ذاتي موسع لجميع الجهات شأنها في ذلك شأن ما يقدم للصحراء، فقط لأن هناك متابعة دولية أممية وأن “بان كيمون” سيصدر بعد أسابيع قليلة تقريرا سنويا جديدا حول جزء من ترابنا الوطني، وسيقدمه إلى مجلس الأمن الدولي في سياق تركيز حقوقي دولي غير مسبوق على ما يجري بالصحراء .
وللمضي قدما في تنزيل فكرة “الانفصال” سأعمد بدوري إلى محاولة إيجاد دولة تتبنى أطروحة “الانفصال” طمعا في الدعم المادي والمعنوي والإعلامي..، وسأتصل بمدريد باعتبارها دولة مستعمرة سابقة، وبباريس بما أنها دولة توفر للمغرب “الفيتو” وروما وبرلين وواشنطن والدوحة وجنوب إفريقيا..وجمعيات المجتمع المدني في هاته الدول، وبأعضاء في البرلمان الأوربي وبمؤسسات إعلامية كبرى ..كل هذا لكي يصبح لي صوت مسموع هنا بالرباط وحتى أسمع ما تفوه به مصطفى الخلفي يشمل جميع التراب الوطني عندما تجرأ و قال في ندوة صحفية بعد اجتماع المجلس الحكومي الأخير “خاصة الشكايات القادمة من العيون والداخلة وطانطان..” هل هؤلاء يحملون صفة المواطنة والبقية من الدرجة الثانية يا خلفي.
إن المغرب رقعة واحدة وما يقرر يشمل جميع الجهات والأقاليم، وما يقدم يمنح لجميع المغاربة سواء كانوا في الشمال أو الجنوب أو الشرق أو الغرب..المغاربة كلهم سواسية، أما هذا الأسلوب المتبع وهو ظرفي على كل حال فإنه سيجلب العار للسلطة المركزية، وستكون له عواقب وخيمة على استقرار المغرب عاجلا أم آجلا، وسيجعل باقي الجهات تنظر وتشعر بالإهانة أمام هذا “السخاء” الكبير لجهة الصحراء، إن القرارات المتخذة يجب أن تشمل والآن كل الجهات وبنفس الحظوظ وبنفس الشكل وعلى مسافة واحدة، فالمطلوب اليوم تصحيح هذا الخلل قبل فوات الأوان، وقبل أن تبدأ أصوات الانفصال تسمع هنا أو هناك، فما معنى أن يعامل المواطن هناك بلباقة ومحاولة العمل على تقديم له وسائل العيش الكريم رغم الملاحظات التي يمكن تسجلها عليها، ويواجه هنا بحقارة وزرواطة ولامبالاة ؟ إنها قمة العبث يا سادة .