إنصاف بريس- استنكرت فعاليات أمازيغية بشدة ما صرح به الداعية السلفي “أحمد زحل” مؤخرا، عند إصداره فتوى تقول بعدم جواز إلقاء التحية “بكلمة أزول” الأمازيغية بدل لفظة “السلام”، بحيث اعتبر أن من يفعل ذلك فهو كاره لله ورسوله، الشيء الذي يدفعنا إلى التساؤل: فهل فعلا إلقاء التحية بكلمة مرادفة لكلمة السلام بلغة أخرى أمر محرم دينيا أم تعد مثل هاته الخرجات السلفية ليست أكثر من هرطقات عارية من الصحة؟
لا يجوز قول السلام بلغة أخرى
يرفض الداعية السلفي “محمد الفيزازي” في تصريحه لـ”إنصاف بريس” العدول عن اللغة العربية فيما يتعلق بأمور العبادة، معتبرا “السلام” بندا من بنود التعبد إلى الله، وبالتالي لا يصح قولها بلغة أخرى، ويسترسل الفيزازي في ذات السياق ليؤكد عدم تعارضه إطلاقا مع التكلم بلغة أخرى ، لكن بعد إلقاء كلمة السلام بالعربية.
ويعتبر “الفيزازي” أن السلام فيها أجر كبير وتأسى برسول الله، مؤكدا على أن كل أمور العبادة لا يجوز فيها الزيادة أو النقصان، قبل أن يختتم قوله: ” لا تفرطوا في الكتاب من شيء ولا تجد لسنة الله تحويلا”.
كلام الداعية “أحمد زحل” مبالغ فيه
أما من جانب مفتي فقه النوازل “عبد الباري الزمزمي” في تصريحه لـ”إنصاف بريس” فإنه اعتبر كلام الداعية “أحمد زحل”، هو قول مبالغ فيه، معتبرا أن الشخص عندما يلقي تحية السلام بلغة أخرى على سبيل المثال bonjour بالفرنسية، فإن ذلك لا يعني أنه كاره لله ولرسوله وإنما فقط المسألة تتعلق بعادة لغوية قد يعتاد الناس عليها من فرط التكرار.
الالتزام بلفظة السلام هو التزام أخلاقي
ويرى الزمزمي على غرار ما اعتبره “الفيزازي” أن المسلم يلزمه إلقاء تحية السلام بعد ذلك يقول ما يشاء وليتحدث بأي لغة كانت، معتبرا هذا الالتزام هو التزاما أخلاقيا، فطالما أن الشخص مسلم فيجب أن يعطي الاعتبار لدينه، يضيف “الزمزي” قبل أن يستدل بقول رسول الله: من بدأ كلامه قبل السلام فلا تجيبوه.
تحريم لفظ “أزول” بدل “السلام” لا يمت للإسلامي بصلة
أمام هذه المواقف الفقهية يدخل رئيس هيئة الدفاع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ” لحبيب حجي “، على الخط معتبرا أن موقف السلفي لـ”أحمد زحل” لا يمت لا بحقوق الإنسان ولا بالدين الإسلامي بأية صلة، ليؤكدا أن الإسلام جاء للعالمين وليس للعرب فقط، وبذلك يمكن لأي شخص أيا كان انتمائه العرقي أو اللغوي أو الثقافي أن يمارس طقوس الدين الإسلامي بأي لغة أراد.
تكوين “أحمد زحل” ضعيف دينيا ومعرفيا
وعليه، يؤكد “حجي” على ضعف تكوين الداعية “أحمد زحل” سواء الديني أو المعرفي، مسترسلا في ذات السياق، أنه عوض أن يتحدث الداعية على نهب الثروات الوطنية واستغلال أموال الشعب المغربي يقف عند جزئيات لا تسمن ولا تغني من جوع.
ويختتم “رئيس هيئة الدفاع” قوله بأن مثل هؤلاء الدعاة لا يطلعون بتاتا على الدين الإسلامي في بعده الإنساني والكوني قبل أن يناشد الدولة المغربية بحماية الدين من مثل هؤلاء الأشخاص.
موقف “أحمد زحل” موقف جهل وإقصاء
أما من جهة رئيس المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات “أحمد عصيد”، أكد لـ”إنصاف بريس” أن ما أصدره “أحمد زحل” ليست فتوى ولا حكما شرعيا، وإنما هو فقط رأي سياسي، ومشكلة هذا الداعية تكمن في كونه لا يعرف ثقافات الشعوب الإسلامية، ويسترسل “عصيد” في ذات السياق أنه حينما أصدر الأخير حكمه “فقد انطلق من ذاتيته، معتقدا بأن جميع المسلمين في العالم يحيون بعضهم بعضا بنفس الجملة التي يستعملها”، والحال أن الأمر ليس كذلك سواء تعلق الأمر بمضمون الإيمان الديني أو بالسلوك اليومي للمسلمين.
واعتبر “عصيد” أن تحريم مثل هذه العبارات ومحاولة فرض جمل بعينها، فما هو إلا نوع من الجهل والإقصاء، إذ كل مسلم يتكلم بلغته الأصلية، وما نسبة العرب في المسلمين إلا نسبة ضئيلة “جدا”.
رأي “أحمد زحل” متناقض
وبهذا يرى “رئيس المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات” أن رأي الداعية منافيا للصواب ومتناقضا مع وضعية الأمازيغية التي هي لغة رسمية للبلد، متسائلا إذا كان جائزا استعمال الأمازيغية داخل مؤسسات الدولة وفي الفضاءات الرسمية بما فيها وزارة الأوقاف في الوعظ والإرشاد الديني فما الذي يمنع من أداء التحية؟ هذا من جهة، أما من جهة أخرى يضيف “عصيد” “ينسى هذا الرجل بأن الناس في المجتمع العصري مختلفون في مرجعياتهم فمنهم المسلم ومنهم غير المسلم ومنهم المؤمن وغير المؤمن ويعتبرون كلهم موطنون مغاربة.