إنصاف بريس– المهدي بن عمر: تجاوز الرأي العام الدولي مرحلة الصدمة الأولى من هول المشاهد و التفاصيل التي رافقت الاعتداء على مجلة “شارلي ايبدو” وبدأت تطفو على السطح أصوات تميل أكثر إلى تبني “نظرية المؤامرة” و ترجيح أن ما وقع، زوال يوم الأربعاء الماضي بقلب العاصمة الفرنسية باريس، لا يعدو أن يكون مسرحية فرنسية رديئة الإخراج بأهداف وغايات جهنمية.
و هكذا تداول نشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي عشرات الصور والأفلام، المثيرة للمثيرة للحيرة و المشككة في صحة الرواية الرسمية حول حقيقة مذبحة ” شارلي ايبدو”.
و ليس المسلمون وحدهم، هذه المرة، من يشكك في حقيقة ما حدث، بل هناك أيضا عدد من المواقع الإخبارية و الصفحات الفرنسية التي عبرت عن عدم اقتناعها بالسيناريو الذي قدمته النيابة العامة و المصالح الأمنية و من خلفهما وسائل الإعلام الأوربية.
المشككون في الرواية الرسمية، وقفوا كثيرا عند “الخطأ” الذي وقع فيه المهاجمان الذين أبانت لقطات الفيديو التي ظهرا فيه عن تمتعهما بحرفية عالية و برودة دم يحسدان، فكيف إذن يرتكبان “الخطأ الغبي و الساذج” المتمثل في نسيان أحدهما لبطاقة تعريفه بالسيارة التي أقلتهما من مسرح الجريمة قبل أن يتخليا عنها لاحقا، و هو الخطأ الذي مكن المصالح الأمنية من تحديد هوية المعتدين بسهولة…
ناهيك عن ضعف الحراسة الأمنية بمحيط الجريدة التي كانت كل مصالح الأمن و الاستخبارات الفرنسية تعلم أنها تشكل هدفا محتملا لعمل إرهابي، وكذا عدم انطلاق سيارات الشرطة لملاحقة السيارة التي هرب على متنها المهاجمين رغم تلقي الأمن لمواصفاتها وأرقامها علما أن الشوارع الضيقة للعاصمة الفرنسية، حسب ما نقلته تقارير إعلامية، تتوفر على تغطية أمنية جوية وبرية توفرها عدد من طائرات الهليكوبتر و العشرات من سيارات الشرطة، فكيف إذن استطاع الشقيقين كواشي الإفلات من كل هذا و من نقط المراقبة و السدود القضائية التي وضعت بطريقهما؟؟؟
ثم كيف يعقل أن ينتقل رئيس الجمهورية الفرنسية إلى مسرح الاعتداء بعدها بأقل من ساعة، وبالضبط 58 دقيقة كان فرانسوا هولاند بالشارع الذي كان شاهدا على الجريمة، دون أن يترك لخبراء مسرح الجريمة الوقت الكافي و اللازم لتمشيط الموقع و التأكد من عدم قيام المهاجمين بترك عبوات ناسفة هناك أو سيارات مفخخة مثلا، بل الأكثر من ذلك ظهر السيد هولاند واثق الخطى و هو يتحدث للصحفيين هناك و كأنه “متأكد من ألا مكروه سيصيب فخامته”، علما أن أصغر ضابط في الأمن الرئاسي كان سيمنعه من التوجه إلى مقر الجريدة بمثل هذا السرعة…
لقد علمنا التاريخ وعلمتنا التجارب أن السياسي قد لا يجد غضاضة في الكذب وتأليب الرأي العام للوصول إلى أهداف يعتبرها حيوية لشخصه أو حزبه أو وطنه، ولنا في مسرحية أسلحة الدمار الشامل التي قيل أن عراق صدام حسين كان يتوفر عليها خير مثال على الدور الذي قد يلعبه زواج الإعلامي والسياسي لقلب الحقائق و التمهيد لقادم يبدو الآن مبهما وغامضا…