خالد اوباعمر
أجمعت الحكومة في اجتماعها اليوم الخميس، على عدم قبول مطلب أهالي جرادة الذي رفع في المظاهرات على مدى ثلاثة أشهر، والقاضي بمجانية الكهرباء في المدينة.
وقال، مصطفى الخلفي، الناطق الرسمي باسم الحكومة، في ندوة له اليوم الخميس عقب اجتمعا المجلس الحكومي، إن جميع مكونات الحكومة أجمعت في اجتماع اليوم على رفض مطلب مجانية الكهرباء، بوصفه مطلبا “غير معقول”.
ما قاله الوزير الخلفي بخصوص إجماع أعضاء الحكومة حول رفض مطلب مجانية الاستفادة من الكهرباء أمر معقول وفيه الكثير من الوجاهة بغض النظر عن الوضعية الاجتماعية الهشة لجزء كبير من ساكنة مدينة جرادة التي تعاني الفقر والعوز والهشاشة والعطالة.
السؤال الذي يتعين على الناطق الرسمي باسم الحكومة الإجابة عنه على ضوء الموقف الذي اتخذته الحكومة بإجماع كل مكوناتها هو: لماذا يعفى الوزراء من تأدية فواتير الماء والكهرباء والهاتف بنص قانوني مند عقود من الزمن؟ هل لأنهم فقراء ومعوزين ولا دخل لهم يسمح لهم بدفع مقابل ما يستهلكونه من ماء وكهرباء ومكالمات هاتفية؟ هل من المقبول أخلاقيا وقانويا أن يؤدي المواطن الكادح في جرادة وبوعرفة وبني ملال وغيرها من المدن فواتير الماء والكهرباء والهاتف ويعفى من تأديتها الوزراء الذين يتقاضون رواتب شهرية محترمة وتعويضات سخية؟
شخصيا ضد مطلب مجانية الكهرباء الذي رفعه المحتجين في جرادة حتى وإن كنت أقدر الوضعية الاجتماعية لهؤلاء لأن المطلب ريعي. ولكن ما لا يمكن تفهمه هو أن ترفض الحكومة هذا المطلب بإجماع كل مكوناتها في الوقت الذي يستفيد منه أعضاء الحكومة من إمتيازات ريعية لا مبرر لها ومن ضمنها اعفائهم من تأدية فواتير الماء والكهرباء والهاتف، بل يمنح لهم تعويضا شهريا عن استعمال الأواني الفضية يعادل راتب موظف عمومي، مرتب في السلم العاشر. كما يتقاضون تعويض نهاية الخدمة الذي يساوي اجرتهم الشهرية مضروبة في عشرة!
هذه المفارقة الغريبة العجيبة تطرح أكثر من سؤال حول أي مغرب نريد؟ هل نريد مغرب المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع المغاربة أغنياء وفقراء؟ ام مغرب التمييز، بين الوزير وبين المواطن العادي، بين الغني وبين الفقير؟
إجماع أعضاء الحكومة على رفض مطلب مجانية الكهرباء، وهو موقف معقول ووجيه، يكشف في العمق عن تناقض صارخ بين مواقف هؤلاء وممارساتهم في الواقع.
من غير المقبول اخلاقيا وسياسيا أن تقبل من موقع المسؤولية الحكومية امتياز عدم تأدية فواتير الماء والكهرباء والهاتف وتعويض الأواني الفضية وغيرها من التعويضات الاخرى بحجة أنها إمتيازات مشروعة ومقننة وفي نفس الوقت تعتبر طلب، سكان منطقة مهمشة وفقيرة، مجانية الكهرباء أمرا غير مقبولا!
على الحكومة أن تكون منسجمة في تعاطيها مع هذا الموضوع لأن المواطن في جرادة من حقه أن يتساءل: لماذا تعتبر الحكومة مطلبه غير مقبول ومرفوض في الوقت الذي يستفيد فيه وزراء الحكومة من إمتيازات ريعية لا مبرر لها؟
مهما حاولت الحكومة من خلال الناطق الرسمي باسمها الدفع بمشروعية الامتيازات الريعية الممنوحة لأعضاء الحكومة بحجة أنها مقننة فإن الوضع المادي للوزراء يحولها إلى فضيحة بكل ما للكلمة من معنى، لأن الحكومة يتعين أن تكون هي القدوة الحسنة وأن الوزراء الذين يرفضون المطالب الريعية عليهم ألا يستفيدوا من الريع حتى تكون لتصريحاتهم مصداقية.
بعد إجماع أعضاء الحكومة على رفض مطلب مجانية الكهرباء لم يعد أمام الحكومة من خيار هي أرادت حفظ ماء الوجه إلا إلغاء ذلك التشريع العجيب الذي يعفي الوزراء من تأدية فواتير الماء والكهرباء ويغدق عليهم بامتيازات ريعية غير مقبولة على الإطلاق.