حضر الملف الشائك للنزاعات القانونية والقضائية بقوة في اللقاء التناظري بين وزارة الداخلية وممثلي الجماعات الترابية الذي خصص للتدقيق في المخطط الاستراتيجي للنهوض بهذه المؤسسات المحلية.
وحظيت القضايا المختلفة المرتبطة بنزاعات الجماعات الترابية بحيز هام في مداخلات بعض العمال والرؤساء ومستشارين قانونيين الذين أشاروا إلى الكلفة المالية الباهظة لهذه الملفات القضائية على خزينة الدولة.
وتتسبب جماعات ترابية، بسبب الجهل والأمية وغياب الاستشارة وتواضع كفاءات المحامين والمفوضين القضائيين المتعاقد معهم، في مجازر للمال العام، آخر مثال على ذلك الدعوى القضائية المرفوعة ضد جماعة البيضاء من قبل شركة للنقل العمومي تطالب فيها ب434 مليار سنتيم، ما يعادل الميزانية السنوية للجماعة نفسها، وذلك بسبب أخطاء قانونية في صياغة عقد التدبير.
وتحصي وزارتا العدل والمالية والمجلس الأعلى للحسابات، سنويا، مئات القضايا المرفوعة ضد الجماعات والمؤسسات العمومية، إذ قال وزير العدل الأربعاء الماضي، إن الخسارة المالية التي ترتبت عن هذه القضايا في ستة أشهر الماضية من السنة الجارية، وصلت إلى 102 مليار سنتيم.
وتطرق رؤساء الجماعات، في اللقاء التناظري مع وزارة الداخلية، إلى عدة مجالات وآليات لدعم وتأطير عمل الجماعات الترابية في هذا المستوى، من بينها تعيين وكيل قضائي للجماعات للدفاع عن مصالحها، ترسيخا لثقافة ومبادئ الحكامة القانونية الجيدة وتحديث ورقمنة تدبير المنازعات الجماعية.
وتلجأ الجماعات، بحكم الاختصاصات الواسعة المخولة لها في مجالات التنمية المحلية، إلى نسج علاقات متعددة مع الفاعلين والشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين.
وتفرز العلاقات في كثير من الأحيان تضاربا في المصالح ومساسا بالحقوق تنشأ عنها منازعات، قد لا تفلح المساطر الودية في حلها مما يدفع بالمعني بالأمر إلى اللجوء إلى القضاء.
وغالبا ما ينتهي القضاء إلى إصدار أحكام، أو قرارات ضد الجماعة المعنية تلزمها بإلغاء القرارات المتخذة، أو بأداء مبالغ مالية تثقل كاهل ميزانيتها، ما يحول بينها وبين قيامها بالمهام الموكولة إليها في مجال التنمية المحلية.
وتتراكم الأحكام القضائية، بسبب عدم التحسيس بالدور الوقائي في المنازعات، وعدم اعتماد منهجية قائمة على تدبير المخاطر القانونية من أجل ضبط أسباب إثارة المنازعات والعمل على تفاديها، أو إيجاد حلول مناسبة لتقليصها. عن يومية الصباح.