شكل موضوع “أنسنة المؤسسات السجنية، على ضوء المستجدات التشريعية وتوجهات السياسة الجنائية الجديدة”، محور برنامج الجامعة في السجون في دورته الـ 13 والتي نظمتها المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، اليوم الخميس بالسجن المحلي تامسنا.
وتوخت هذه الدورة، التي نظمت تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، إبراز تطور النهج العقابي والإصلاحي الوطني والإطار القانوني الدولي، على غرار مشروع القانون رقم 23.10 المتعلق بتنظيم المؤسسات السجنية، مع الانكباب على تحليل أبرز مرتكزات القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة.
ورامت الدورة، التي عرفت مشاركة فاعلين مؤسساتيين دوليين، وشركاء للمندوبية، أيضا، تسليط الضوء على إسهام نزلاء المؤسسات السجنية في النقاش الوطني حول المستجدات التشريعية وتوجهات السياسة الجنائية الجديدة، وإطلاعهم وتحسيسهم بأهمية هذه المستجدات واستقاء آرائهم بشأنها، مع تركيز الضوء على الجهود التي تبذلها المندوبية في ما يتعلق بضمان أنسنة مثلى لظروف الاعتقال، بما ييسر للسجناء مرحلة مابعد الإفراج.
وشكلت هذه الدورة مناسبة للوقوف عند حصيلة الإصدارات والبحوث التي تم إنجازها برسم هذا البرنامج، والتي من شأنها إغناء رصيد المكتبات السجنية بمؤلفات ودراسات تتسق مع برنامج الجامعة في السجون ومراميه، من قبيل “دفاتر السجين”، و”مجلة الجامعة في السجون”.
وفي كلمة خلال حفل الافتتاح، الذي عرف حضور المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، محمد صالح التامك، والوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي، ووسيط المملكة، محمد بنعليلو، والأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، أحمد العبادي، استعرض رئيس قسم التأهيل التربوي والعمل الإجتماعي والثقافي لفائدة السجناء بالمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، بنعيسى بناصر، الخطوط العريضة لبرنامج الجامعة في السجون في دورته الـ 13، مشيرا إلى غاياته الرامية أساسا إلى جعل فضاءات الاعتقال رافعات حقيقة لإعادة إدماج السجناء مجتمعيا.
وتطرق السيد بناصر للترسانة القانونية الناظمة للمؤسسات السجنية لاسيما مشروع القانون رقم 23.10 المتعلق بتنظيم المؤسسات السجنية، ومختلف النصوص الأخرى التي تؤشر على “جيل جديد من القوانين التي تعمل على تفعيل مقتضيات الخطب الملكية السامية”، مبرزا أن هذه الترسانة القانونية هي بمثابة بناء تشريعي يراعي الحقوق التي تستهدف نزلاء المؤسسات السجنية، وتراعي خصوصية هذه الفئة.
واستشهد، في هذا الاتجاه، بأرقام دالة على نجاح برنامج الجامعة في السجون حيث بلغ العدد التراكمي لمشاركة النزلاء فيه إلى غاية الدورة الـ 12، ما مجموعه 2397 نزيلا، مع توقيع 13 اتفاقية شراكة، وتنظيم 39 نشاطا ثقافيا وفنيا موازيا، وإنجاز 4 أفلام مؤسساتية، لافتا إلى أن عدد المشاركات بلغت 149 مشاركة، تتوزع ما بين 50 أستاذا جامعيا، و35 مؤسسة عمومية، و25 جمعية من المجتمع المدني، و22 رئيس جلسة، و12 مشاركا أجنبيا، و4 فنانين، وصانع محتوى.
وخلص إلى أن موضوع هذه الدورة يأتي امتدادا لمواضيع أخرى ارتأت المندوبية من خلالها تركيز اهتمامها على تيمات تحظى دوما بالراهنية، على غرار “المواطنة مدخل للاندماج”، و”أي دور في تحصين الذات وتغذية الروح”، و”الصورة السجنية ومفهوم الاندماج”، و”المخططات الاستراتيجية للتنمية، أي موقع للمؤسسة السجنية”.
من جانبها، قالت رئيسة مكتب مجلس أوروبا بالرباط، كارمن مورتي غوميز، إن مجلس أوروبا في إطار شراكاته، يوفر تكوينات تعمل على ضمان احترام الحقوق داخل فضاءات الاعتقال، منوهة بموضوع هذه الدورة الذي ينكب على “أنسنة المؤسسات السجنية، على ضوء المستجدات التشريعية وتوجهات السياسة الجنائية الجديدة”.
وأكدت، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن عمل مجلس أوروبا يروم التصدي لظاهرة الاكتظاظ بالمؤسسات السجنية، وتيسير سبل إدماج السجناء.
وبخصوص تفاعل الجامعة مع محيطها المجتمعي من قبيل المؤسسات السجنية، أكد عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس، التابعة لجامعة سيدي محمد بن عبد الله، محمد بوزلافة، أن برنامج الجامعة في السجون الذي بلغ دورته الـ13، مكن من توقيع عدد من الاتفاقيات تجمع المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، مع عدد من الجامعات، على غرار جامعة سيدي محمد بن عبد الله.
ولفت السيد بوزلافة، وهو أيضا رئيس اللجنة العلمية لبرنامج الجامعة في السجون في دورته الـ 13، إلى أهمية الوصل بين الجامعة ومحيطها المجتمعي، مسجلا الحاجة إلى جعل البحث العلمي والجامعة عموما، رافعة للاشتغال على قضايا الإدماج.
وكشف، في تصريح مماثل، أن موضوع “أنسنة المؤسسات السجنية، على ضوء المستجدات التشريعية وتوجهات السياسة الجنائية الجديدة” يحظى بالراهنية ويؤكد الأهمية التي يتم إيلاؤها لمسألة معاملة السجين بإنسانية وحسن تفعيلها، مشيرا إلى أن “المنظومة القانونية في حركيتها التشريعية، قادرة على أن تعزز الممارسة الإنسانية داخل المؤسسات السجنية”.