إنصاف بريس ـ ماذا يعني أن يصف عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المغربية، حميد شباط، أمين عام حزب “الإستقلال” بـ”الفاسد الأكبر” و بـ”مسيو 10 في المائة”، في إشارة إلى النسبة التي كان يتلقاها من كل مقاول يفوت له مشروعا، دون أن يجري الفصل في هذه الاتهامات لدى القضاء؟
لا يمكن لأي دولة في العالم أن تضمن الاستقرار وتضبط الأمن لشعبها، بالرهان فقط على القوة، إذ لا بد لها، حتى تستمر في الوجود، أن تجعل مواطنيها يثقون في مؤسساتها وحكامهم. فباستقراء كل الانفجارات الشعبية، التي عرفها العالم، نجد ثلاثة شروط موضوعية، متى تضافرت حدث الإنفجار الشعبي.
فحين تصطدم المصالح والتناقضات بين مكونات المجتمع لدرجة يستحيل معها استمرار تلك المكونات في التعايش، وهذا الشرط الأول، وعندما يعجز الحكام عن تلبية انتظارات ومطالب المحكومين، وهذا الشرط الثاني، وحين يفقد المحكومون الثقة في قدرة الحاكمين على تغيير أحوالهم وتمثيل مصالحهم والسهر على احترام الالتزامات والتعاقدات والمؤسسات والدستور وهذا الشرط الثالث، يحدث الانفجار الشعبي.
في التاسع والعشرين من شهر مارس من سنة 2011، قدم وزير الدفاع الألماني، “كارل ثيودور فرايهر تسو غوتنبيرغ” استقالته، على خلفية مزاعم بأنه قام بـ”الانتحال الأدبي” في أجزاء من رسالة الدكتوراه الخاصة به.
ونقلت مجلة “دير شبيغل” الألمانية عنه قوله: “إنني أذهب ليس بسبب رسالة الدكتوراه، رغم أنني أتفهم أنها قد تكون سبباً كافياً من وجهة النظر الأكاديمية، وإنما بسبب الشك في قدرتي على القيام بمسؤولياتي بالكامل”.
في “المملكة الشريفة” وزير يصرف ثلاثة ملايين من المال العام لشراء “الشوكولاتة” لمناسبة شخصية، ووزير آخر يستغل نفوذه الحكومي لصالح ابن رئيسه لدى مؤسسة بنكية، ورئيس الحكومة يتهم خصمه السياسي بتلقي عمولات عن كل الصفقات التي يبرمها كعمدة في مدينة فاس، والعمدة يتهم رئيس الحكومة بخدمة أجندة “إرهابية دولية”، وتستمر الحياة، لا استقالات تُقدم، ولا قضاء يبث في تلك الاتهامات !
ماذا يعني كل هذا؟ هذا يعني أن البؤس الحكومي والعبث السياسي والاستهتار بالمؤسسات والقانون والدستور والشعب قد بلغوا درجة من النتانة والتقزز، يستحيل الاستمرار في تقبلهما شعبيا، مما يجعل البلاد، اليوم، على كف عفريت.
فإما أن بنكيران يكذب على شباط، واتهاماته تدخل في إطار “المزايدات السياسوية”، وهذه مُصيبة، وإما أنه صادق في اتهاماته، ولكنه عاجز على الذهاب إلى القضاء لعدم ثقته فيه، وهذه مصيبة عظمى، وإما أنهم “مقصرين علينا كلهم”، وهذه مصيبة وكارثة أعظم، وفي كل الحالات هذا يفقد الشعب الثقة في المؤسسات والحاكمين، مما يخلق شروط الانفجار في أي لحظة.
الحل: الملك، بمقتضى الفصل 42 من الدستور هو الضامن لدوام الدولة واستمرارها والساهر على احترام الدستور والسير الطبيعي للمؤسسات، فهل يتدخل قبل فوات الأوان؟