
حلت الذكرى الخامسة على اعتقال ما يسمى ب “خلية بليرج” التي هزت الرأي العام مساء يوم 18 فبراير 2008، وسط صمت رسمي وشعبي رهيب اللهم من وقفة يتيمة أمام البرلمان بحضور عدد لم يتجاوز أصابع اليدين لم تجد صداها في الإعلام بسبب عدم التحضير الجيد والتعبئة المطلوبة في مثل هاته المناسبات من جهة، وبسبب تخلي العديد من الأطراف التي لها علاقة مباشرة بالملف بعد إطلاق سراح القيادات السياسية الستة التي أفرج عنها بضغط من الشارع في عز الحراك الشعبي من جهة أخرى.
وتعود أهمية هذا الملف الذي تفككت خيوطه بشكل واضح بسبب اعتقال ضمن الخلية قيادات سياسية ودعوية وإعلامية معروف ومشهود عنها إيمانها بالعمل المدني والسلمي وبالمبادئ الديمقراطية والمشاركة السياسية، لكن معروف عنها أيضا معارضتها الشرسة لاختيارات الدولة وهو ما يفسر رفض السلطة حتى الآن تسوية وضعيتها القانونية كما ينص على ذلك الدستور المغربي، بالترخيص لحزبي الأمة والبديل الحضاري، وفبركة هذا الملف وبتلك الطريقة “الهوليودية” يدخل في إطار التخلص من المعارضين في محاولة لإبعادهم والضغط عليهم .
وبمجرد الإفراج عن تلك القيادات الذي أتى بفضل نضال شباب حركة 20 فبراير حتى تراجع الإهتمام الإعلامي والحقوقي والحزبي بهذا الملف الذي بقي معظم أعضائه وراء القضبان وبمدد سجنية طويلة ، والعديد من المراقبين يعتبرون اليوم أن هؤلاء بدورهم أبرياء مما نسب إليهم، وأنه تم استعمالهم لاستكمال مشاهد الخلية التي أعلن عنها شكيب بنموسى سفير المغرب بباريس، ووزير الداخلية أنذاك في تلك الندوة الصحفية الشهيرة وبحضور قيادات أمنية بارزة فاجأ حضورها الرأي العام، حيث تحدث بنموسى عن وقائع وأحداث وتفاصيل رغم أن الملف كان لا زال في مرحلته التمهيدية والخلية لم يمر على اعتقالها سوى يومين، مما اعتبر تدخلا سافرا في شؤون القضاء وكشفا غير قانوني لمعطيات البحث السري .
اليوم مرت مدة ليست باليسيرة على إطلاق سراح القيادات السياسية الستة في هذا الملف ولم نعد نرى تلك الاحتجاجات ولا تلك الوقفات التي كان يتجاوز عدد الحاضرين فيها الألف، ولم يعد يرى الرأي العام ذلك الاهتمام الحقوقي والإعلامي، ولم نعد نجد أثرا لتك المقالات القوية التي تتناول هذا الملف وتنشر في الجرائد الورقية والمواقع الإلكترونية والتي كانت تكتب في محاولة لمواجهة الآله الإعلامية الرسمية العجيبة التي كانت تتناول هذا الموضوع برؤية من دبره، مما يعني أن الرؤية الخاصة بهذا الملف التي حاولت تقسيمه قد تحققت ونجحت، فرغم وعودها إبان مغادرتها السجن يوم 14 أبريل 2011 أنها لن تتخلى عن باقي المعتقلين في ملف بليرج إلا أن القيادات الستة على ما يبدو ضربت بوعدها عرض الحائط .
عدم وفاء القيادات الستة بوعدها ظهر جليا في الوقفة التي نظمتها “اللجنة الوطنية للدفاع عن باقي المعتقلين في ملف بليرج” أمام مبنى البرلمان يوم الثلاثاء الماضي 18 فبراير 2014 بمناسبة الذكرى الخامسة ل”تفجير” هذا الملف، فالإضافة إلى أن معظمها لم تحضر ولم تكن في الموعد، فهي لم تعمد إلى تعبئة قواعد حزبها أو تنظيمها للحضور بكثافة لإنجاح المحطة المهمة، ولم تتواصل كما كان يفعل سابقا لحضور الرموز الحقوقية لدعم المحتجين وعائلات المعتقلين المكلومة في هكذا وقفات، ليس هذا فحسب بل إن القيادات المشار إليها معظمها لم يعد يحضر في لقاءات وأنشطة “اللجنة الوطنية للدفاع عن باقي المعتقلين في ملف بليرج” وهناك من انقطعت صلته بها منذ مدة، ماذا يعني هذا ؟ هل يمكن أن نقول بهذه البساطة أنها تخلت عن باقي المعتقلين في الملف الذين بدؤوا يبحثون عن جهات دعم جديدة كما فعل السيد عبد القادر بليرج ؟ هل بمجرد ما أن يغادر المرء السجن يتخلى عن الباقي رغم أنهم جميعا كانوا في” الهم سوا ” ؟